لقد حدثت كثير من التغييرات على معظم المصطلحات التي اختيرت لتوصيف العلاقة العاطفية والجنسية بين أشخاص من نفس الجنس . لكننا نعتقد أن مجمل المصطلحات التي وظفت لنعث هذه "العلاقة" أو "السلوك" لم تستطع التخلص من الحمولة القدحية أو الجنسية للكلمة. ونحن نخص هنا المصطلح العربي لا غيره في اللغاة الأخرى، إذ أن الشائع - وللأسف إلى حد الآن في أوساط المثقفين وغيرهم على السواء، عندما يتناولون الحديث عن هذه العلاقة- هو التوسل بمصطلحات مغرقة في الأحكام الأخلاقية، من قبيل الشذوذ الجنسي، المثلية الجنسية، اللوطية، الانحراف الجنسي، المرض الجنسي... إلخ وهي كلها مصطلحات مهزوزة لا تفي بالتعبير الدقيق والحقيقي لهذه الواقعة الإنسانية، إظافة إلى أنها تفقتد إلى التأثيل المفهومي إذ تُقَدمُ مجتثة من موضعها فَتُعْرَض على المتلقي مُعْوَّجَةً غير مستقيمة. وهذا أمر طبيعي ما دام كثير ممن يكتبون عن هذه "العلاقة" لا يعلمون عنها غير ما قد شَنَّفَ آذانهم من أخبار وأحكام أو مأْثُوٍر غالبا ما يكون مُؤَطَرًا بمعاني قِيمِّيَّة ودينية تحريمية.
وهذا الأمر - فيما أضن- سيظل حاضرا في الآتي من الزمان في اللسان العربي، ما دامت المجتمعات العربية الإسلامية لم تتخلص بعد من مهمة الشرطي الحارس للقيم التقليدية المتجاوزة. وما دامت (المجتمعات العربية) لم تتملك الجرءة الكافية لمعالجة ومناقشة كثير من القضايا والطابوهات المختلفة. فغياب الحديث عن بعض الظواهر هو الذي يجعلنا نقع دائما في الفهم المغلوط والنظرة المحصورة، فلا نبرح بذلك أماكننا ولا نمنح عقولنا إمكانيات التفكير في الحداثة واعتماد منطقها.
واقع الثقافة العربية الإسلامية هو ما لم يشجع الكثير من المهتمين والمثقفين العرب الجادِّين والمُحَايِّدين على إضاءة "قضية المثلية" بالبحث والدراسة، رغم أن التاريخ العربي حافل بما يمكن أن نستقرأ منه أن العربي كغيره عاش ويعيش وسيعيش ميولات عاطفية وجنسية ليست بالظرورة في اتجاه الأنثى.
إرتكان المثقفين العرب إلى عدم الخوض في "مسألة المثلية"، أدى بالظرورة إلى شيوع وتكريس مصطلحات لا تحمل المعنى العميق للظاهرة، بل لهي ملآى بالإحراج والقسوة وعنف اللغة.
وإذا ما أَطلْت َبالَكَ معي أيها القارئ العزيز، سأبين لك الزيغ اللغوي الحاصل في بعض المصطلحات التي تخص مسألة المثلية :
الشذوذ الجنسي: يتكون هذا التعبير من مصطلحين (الشذوذ/الجنس)، وهما مصطلحان متدعصان بالدلالة القدحية. [الشذوذ] تعني إصطلاحا الخروج والميل والزيغ عن الطريق، يقال شَذَّ فلان يعني خرج عن المعتاد من أمر أو فعل. [الجنسي] يدل هذا المصطلح على أكثر على الممارسة الجنسية، ونحن نعلم أن العلاقة بين شخصين من نفس الجنس في مجالنا ليست محكومة ضرورة بالجنس البهيمي (الليبدو) بل هناك عواطف وأحاسيس وارتباطات نفسية تُوَّلِف بينهما المتعالقين. فمجموع الكلمتين يقصد به السلوك الجنسي اللامستقيم والخارج عن المشترك والمعهود.
المثلية الجنسية: أيضا يتكون هذا التعبير من كلمتين [المثلية] و [الجنسية] فمصطلح المثلية هنا مشتق من المصدر مثل أي شبيه. فهذا المصطلح المثلية لوحده لا يفي بغرض التوصيف إذ يمكن أن تكون مثلي في أشياء كثيرة غير الجنس فيمكن أن نقول عن المتتكلمين بنفس اللغة مثليين لأنهم يمتلكون نفس اللسان، أو نقول عن مجموعة من الشباب الذين يمارسون نفس النوع الرياضي وليكن، كرة القدم، مثليين كأن نقول مثلا المثلية الكروية أو المثلية اللغوية أو المثلية الهوياتية وغيرها... إذن لكي نعبر عن ذوي الميولات الجنسية المتشابهة نستعمل المثلية الجنسية، وهذا التعبير -في نظري- في غير محله. وإذا ما أضفنا إلى جانب لفظ المثلية لفظ آخر وهو الجنسية فإننا نكون قد حصرنا الظاهرة في الجنس، وكأننا نقول الجنس بين ذوي الجنس الواحد.
زد على هذا، فعلى المستوى الجنسي لسنا دائما مثليين، بمعنى أنه يمكن أن نجد أحدا يمارس الجنس على ذكر ولا يحب هو أن يمارس عليه، أو يمارس الجنس مع الذكر والأنثى في نفس الآن، وبالتالي فهو لا يماثلني في الممارسة إذا كنت أنا سالبا وهو موجب، مما يجعلني أرى عدم إيفاء هذا المصطلح بالدلالة المعتقدة فيه.
اللوطية: يحيل هذا المصطلح مباشرة على قوم لوط أي القوم الذين شابهم عقاب الله لأنهم كانوا يفضلون الرجال عن النساء. إذن بمجرد أن نصف شخصا باللوطي فمعنى ذلك أننا نحكم عليه بالعقاب "اقتلوا الفاعل والمفعول به" على حد قول نبي الإسلام.
أحرار الجنس: رغم إغراء هذا المصطلح ورغم أنه ينطبع بصفة إجابية في شقه الأول، وهو الأحرار، فإن الإظافة الثانية وهي إظافة ضرورية كي تستقيم الدلالة، قد نقصت من اللفظ الأول، فصارت الحرية محصورة في الجنس ولصيقة به.
ذوي الإختيار الحر: وهو أيضا مصطلح غير دال على التوصيف الذي نتغيا الوصول إليه بحيث أن الإختيار الحر ليس يرمز قطعا إلى المنتمين لمجال "المثلية" بناء على أن الاختيار الحر هو قناعة ومبدأ يتبناه شخص ما في مجال أو أسلوب حياة.
وبينما كنت أهدي أطروحي الجامعية، خطرت بذهني فكرة في غاية الجرأة والبسالة، تتمثل في رغبتي إهداء عملي إلى كل "المثليين" تعبيرا مني بصدق الإنتماء إليهم. فخصصتهم بهذا الكلام أهدي هذا العمل إلى كل الإنجذابيين ذوي الإختيار الحر. ومصطلح الإنجذاب هذا قد راعني كثيرا ورأيت فيه دلا على توصيف الظاهرة. على اعتبار أن الجدر جدب= قرب، و المصدر الإنجذاب=التقارب، والإنجذابيين يفيذ كل هذا المعنى: الإقتراب، الرغبة، الميل، الحب أيضا. فنحن عندما ننجذب للشيء فنحن نوده ونعجب به إلخ. لكن هذا المصطلح بدا لي غير مقنع فيما بعد على أساس أن مصطلح الإنجداب لا يفي بالغرض لوحده بل لا بد له من مصاحبة وصفية، وبدونها لا يستقيم المعنى كأن نقول إنجدابي نفس الجنس، وإذا ما فعلنا ذلك نكون وقعنا في نفس منحن نحاول الهروب منه أي محاولة عدم اقتراح مصطلح لهذا الميل يحصره في الجنس بمعناه اليولوجي.
إشارتي إلى هذه المصطلحات ليس غرضي منها قمع استعمالها، على الأقل مبدئيا، بل فقط إثارة إهتمام المهتمين بمسألة " المثلية" إلى ما تكتنفه هذه المصطلحات من دلالة قد لا تؤدي المطلوب منها. وهذا يستدعي من المشتغلين على موضوع "المثلية" أن يحاول صياغة مصطلح أكثر وفاء وتعبيرا.
وهذا الأمر - فيما أضن- سيظل حاضرا في الآتي من الزمان في اللسان العربي، ما دامت المجتمعات العربية الإسلامية لم تتخلص بعد من مهمة الشرطي الحارس للقيم التقليدية المتجاوزة. وما دامت (المجتمعات العربية) لم تتملك الجرءة الكافية لمعالجة ومناقشة كثير من القضايا والطابوهات المختلفة. فغياب الحديث عن بعض الظواهر هو الذي يجعلنا نقع دائما في الفهم المغلوط والنظرة المحصورة، فلا نبرح بذلك أماكننا ولا نمنح عقولنا إمكانيات التفكير في الحداثة واعتماد منطقها.
واقع الثقافة العربية الإسلامية هو ما لم يشجع الكثير من المهتمين والمثقفين العرب الجادِّين والمُحَايِّدين على إضاءة "قضية المثلية" بالبحث والدراسة، رغم أن التاريخ العربي حافل بما يمكن أن نستقرأ منه أن العربي كغيره عاش ويعيش وسيعيش ميولات عاطفية وجنسية ليست بالظرورة في اتجاه الأنثى.
إرتكان المثقفين العرب إلى عدم الخوض في "مسألة المثلية"، أدى بالظرورة إلى شيوع وتكريس مصطلحات لا تحمل المعنى العميق للظاهرة، بل لهي ملآى بالإحراج والقسوة وعنف اللغة.
وإذا ما أَطلْت َبالَكَ معي أيها القارئ العزيز، سأبين لك الزيغ اللغوي الحاصل في بعض المصطلحات التي تخص مسألة المثلية :
الشذوذ الجنسي: يتكون هذا التعبير من مصطلحين (الشذوذ/الجنس)، وهما مصطلحان متدعصان بالدلالة القدحية. [الشذوذ] تعني إصطلاحا الخروج والميل والزيغ عن الطريق، يقال شَذَّ فلان يعني خرج عن المعتاد من أمر أو فعل. [الجنسي] يدل هذا المصطلح على أكثر على الممارسة الجنسية، ونحن نعلم أن العلاقة بين شخصين من نفس الجنس في مجالنا ليست محكومة ضرورة بالجنس البهيمي (الليبدو) بل هناك عواطف وأحاسيس وارتباطات نفسية تُوَّلِف بينهما المتعالقين. فمجموع الكلمتين يقصد به السلوك الجنسي اللامستقيم والخارج عن المشترك والمعهود.
المثلية الجنسية: أيضا يتكون هذا التعبير من كلمتين [المثلية] و [الجنسية] فمصطلح المثلية هنا مشتق من المصدر مثل أي شبيه. فهذا المصطلح المثلية لوحده لا يفي بغرض التوصيف إذ يمكن أن تكون مثلي في أشياء كثيرة غير الجنس فيمكن أن نقول عن المتتكلمين بنفس اللغة مثليين لأنهم يمتلكون نفس اللسان، أو نقول عن مجموعة من الشباب الذين يمارسون نفس النوع الرياضي وليكن، كرة القدم، مثليين كأن نقول مثلا المثلية الكروية أو المثلية اللغوية أو المثلية الهوياتية وغيرها... إذن لكي نعبر عن ذوي الميولات الجنسية المتشابهة نستعمل المثلية الجنسية، وهذا التعبير -في نظري- في غير محله. وإذا ما أضفنا إلى جانب لفظ المثلية لفظ آخر وهو الجنسية فإننا نكون قد حصرنا الظاهرة في الجنس، وكأننا نقول الجنس بين ذوي الجنس الواحد.
زد على هذا، فعلى المستوى الجنسي لسنا دائما مثليين، بمعنى أنه يمكن أن نجد أحدا يمارس الجنس على ذكر ولا يحب هو أن يمارس عليه، أو يمارس الجنس مع الذكر والأنثى في نفس الآن، وبالتالي فهو لا يماثلني في الممارسة إذا كنت أنا سالبا وهو موجب، مما يجعلني أرى عدم إيفاء هذا المصطلح بالدلالة المعتقدة فيه.
اللوطية: يحيل هذا المصطلح مباشرة على قوم لوط أي القوم الذين شابهم عقاب الله لأنهم كانوا يفضلون الرجال عن النساء. إذن بمجرد أن نصف شخصا باللوطي فمعنى ذلك أننا نحكم عليه بالعقاب "اقتلوا الفاعل والمفعول به" على حد قول نبي الإسلام.
أحرار الجنس: رغم إغراء هذا المصطلح ورغم أنه ينطبع بصفة إجابية في شقه الأول، وهو الأحرار، فإن الإظافة الثانية وهي إظافة ضرورية كي تستقيم الدلالة، قد نقصت من اللفظ الأول، فصارت الحرية محصورة في الجنس ولصيقة به.
ذوي الإختيار الحر: وهو أيضا مصطلح غير دال على التوصيف الذي نتغيا الوصول إليه بحيث أن الإختيار الحر ليس يرمز قطعا إلى المنتمين لمجال "المثلية" بناء على أن الاختيار الحر هو قناعة ومبدأ يتبناه شخص ما في مجال أو أسلوب حياة.
وبينما كنت أهدي أطروحي الجامعية، خطرت بذهني فكرة في غاية الجرأة والبسالة، تتمثل في رغبتي إهداء عملي إلى كل "المثليين" تعبيرا مني بصدق الإنتماء إليهم. فخصصتهم بهذا الكلام أهدي هذا العمل إلى كل الإنجذابيين ذوي الإختيار الحر. ومصطلح الإنجذاب هذا قد راعني كثيرا ورأيت فيه دلا على توصيف الظاهرة. على اعتبار أن الجدر جدب= قرب، و المصدر الإنجذاب=التقارب، والإنجذابيين يفيذ كل هذا المعنى: الإقتراب، الرغبة، الميل، الحب أيضا. فنحن عندما ننجذب للشيء فنحن نوده ونعجب به إلخ. لكن هذا المصطلح بدا لي غير مقنع فيما بعد على أساس أن مصطلح الإنجداب لا يفي بالغرض لوحده بل لا بد له من مصاحبة وصفية، وبدونها لا يستقيم المعنى كأن نقول إنجدابي نفس الجنس، وإذا ما فعلنا ذلك نكون وقعنا في نفس منحن نحاول الهروب منه أي محاولة عدم اقتراح مصطلح لهذا الميل يحصره في الجنس بمعناه اليولوجي.
إشارتي إلى هذه المصطلحات ليس غرضي منها قمع استعمالها، على الأقل مبدئيا، بل فقط إثارة إهتمام المهتمين بمسألة " المثلية" إلى ما تكتنفه هذه المصطلحات من دلالة قد لا تؤدي المطلوب منها. وهذا يستدعي من المشتغلين على موضوع "المثلية" أن يحاول صياغة مصطلح أكثر وفاء وتعبيرا.
كريم الصامتي
مجلة مثلي المغربية
موضوع حلو
ReplyDeleteبس انا ابعد ابي اعللق على كلام الكاتب من ناحيه ان المثليه الجنسيه لا توصف المثلي بشكل كامل
عموما بعض الاحيان التسميه مو هي اللي تصف الشي
الشي هو اللي يصف الكلمه
زي ما صارو المثليين في امريكا يسمون انفسهم قيز والكلمه معناه في الاصل سعيد
او الزنوج السود اللي حولو كلمه "نقر " الى معنا ايجابي وصارت تعني "اخ" بين المجتمعات الافريقه الامريكيه
فا حنا انشالله نحول كلمه المثليه الى شي ايجيابي ونعلم الناس ان المثليه ليست فقط في الجنس وحسب
الله يسمع منك ياامناااحي,,
ReplyDeleteنتمنى هلشي يصير
كلام مناحي عجبني اظن ان الفكرةوصلت بس شو هي التسمية الجديدة نبي شخص يكون عبقري بالتاريخ القديم يمكن نسمي انفسنا حق تسمية باللغة الفرعونية القديمة او شيء من الحظارات القديمة ويكون لها اصل ويمكن قصة تربطنا فيها ما بعرف بس والله فكرة مناحي هايلة امممممممممممممم يمكن نغير ما في شيء يمنعنا بس يبغالها جهد كبير
ReplyDeleteما عساي الا اتمنى مثل حسين
سلام