Saturday, October 9, 2010

الثقافة المثلية العربية


تفصيل صغير عني هو أني ولدت في دولة الإمارات العربية المتحدة، وعشت فيها طوال حياتي –وإلى الآن- وقد تلقيت دراساتي في مدارسها الحكومية أيضاٌ. حين كنت في الصف الأول الإعدادي، جاءتني إحدى الزميلات وأرتني صورة شخصية لطالبة في صف آخر.

 "هذي حبيبتي. حلوة، صح؟" سألتني. بصراحة لم يكن عندي رأي بالموضوع، ولكني أومأت لها ب"نعم" مهذبة.

لم أفهم المعنى الكامل وراء كلمة "حبيبتي" آنذاك، وقد كانت هناك بضعة طالبات أخريات علمت أن لهن "حبيبات" في فصول أخرى. والجدير بالذكر أن هؤلاء الفتيات (وحبيباتهن)  كن يتوافقن في مظاهرهن الخارجية وتصرفاتهن مع توقعات المجتمع وقوانينه لما يعتبره "أنثوياٌ"، وذلك بعكس "البويات"، اللواتي يكن أقرب إلى الأندروجينية وما يعتبره المجتمع ذكورياٌ. فكانت العلاقة الأولى هي أنثى/أنثى، بينما الأخرى بوية/أنثى (واعتذر لجلافة وفظاظة التبسيط السابق، فأنا أعلم أن الأمور أكثر تعقيداُ من الطريقة التي بسطتها فيها).

لربما بدأتم بالتساؤل عن الداعي وراء كل ما سبق؟ الحقيقة أني منذ بضعة أيام كنت أفكر عن ماهية "ثقافتنا المثلية العربية". يمكنني القول بأني أعرف الكثير عن المجتمعات المثلية الغربية وثقافاتهم المختلفة من قراءاتي في المواقع والمدونتات، وكثير مما أقرؤه أفهمه وأتفهمه وأحترمه وأتسلى به وإن كنت لا أشعر "بالانتماء" إليه –إن صح التعبير. ولا أتحدث هنا عن المواضيع التجريدية كالحديث عن حقوقنا الإنسانية، بل عن الأمور الحياتية اليومية، كتعيين الهويات وتسمياتها، المغنيين والممثلين المفضلين، كيف تتكون وتقوم إتيكيتات العلاقات الرومانسية، إلخ.

الأمر معقد جداٌ بالتأكيد. ففي بادىء الأمر، ما الذي أقصده "بثقافة مجتمعاتنا المثلية"؟ ثقافة اي مجتمع نتحدث عنه؟  أول ما يأتي في بالي هو مجتمعاتنا العربية الإسلامية، وذلك بشكل عام، فأنا أعرف بأن قول "مجتمعاتنا العربية الإسلامية" لا يحصر شيئاُ، فلدينا مجتمعات عربية إسلامية  مختلفة، وكل مجتمع عربي به مجتمعات تنفصل عن بعضها البعض بالطبقة ومدى الدينية والتدين ودرجة التعليم وما إلى ذلك، وكل ذلك يلعب دوراُ، وميسوري الحال من المثليين العرب (وهنا أضم نفسي) هم على الأغلب الذين ستكون لديهم الأدوات والاستطاعات لتقديم ماهية "الثقافة المثلية في سياق المجتمع العربي الإسلامي"، وبذلك ستكون الصورة المكونة ناقصة، لأنها ستبرز حياة المثليين والمثليات العرب المسلمين الميسورين أنفسهم بطبيعة الحال وبذلك يهيمنون على حساب حياة المثليين الفقراء أو الذين لا يملكون الأدوات اللازمة لإبراز أصواتهم. وما سبق يستثني أيضاُ العرب المثليين الغير مسلمين، من مسيحيين ويهود و حتى الملحدين.

فلربما كا ن من الأفضل إذاٌ أن نقول "ثقافاتنا" المثلية العربية (ولا نقول إسلامية)، فلا نحد ولا نحصر، وحين نتحدث عن كيفية حياة مثلية عربية معينة، نفهم من سيا ق الحديث تتخصص بمن هذه الثقافة المعينة، ومن تضم، وذلك بشكل عام طبعاً، فلا نعمم ولا نحصر ونبقي عقولنا متفتحة.

وبما أننا حللنا المشكلة الأولى، أبدأ بالمشكلة الثانية و التي تستعصي علي. هل لدينا نحن العرب "ثقافات مثلية" تخصنا فعلاُ؟  فلنأخذ مصطلح "بوية" مثلاُ. مأخوذة من الكلمة الإنجليزية لولد و ثم أضيف إليها تاء التأنيث، ومع أني أعرف بأن هذا المصطلح واستخدامه هو في الأغلب يختص على مثليات الخليج العربي (وهنا نتحدث عن الحالات المثلية حقاٌ، وليس عن حالات الفضول بالمثلية أو التجريب)، فأنا  أعرف كذلك بأن  كل ما توحيه من شكل معين وتصرفات معينة يمكن إيجادها في المجتمعات العربية الأخرى والمجتمعات الغربية أيضاُ تحت مسميات معينة أخرى   تأتي على بالي، وهذه نفسها غير مقيدة ولها تفرعات!). والمصطلح نفسه أصله أجنبي. Tomboy و  Butch  (

 حل واحد يعتمد على تصديقنا على الرأي الذي يقول بأن المثلية بمفهومها الغربي (وأضع علامة استفهام كبيرة عند هذا الوصف للمثلية) جديدة على مجتمعاتنا، ولا أقول "دخيلة" هنا، بل نحن كمثليين تقبلناها لأننا وجدناه مفهوماُ يصفنا ويطابقنا بشكل جيد، وفضلناه على المفهوم العربي الذي يرى المثلية كأفعال جنسية وحسب (وهذا مفهوم عفا عليه الزمن بكل صراحة). فتكون شكل معظم ثقافاتنا المثلية العربية هي عبارة عن استمداد جوهر بعض الأفعال والتصرفات وطرق المعيشة التي يعيشها المثلييون في الغرب ونجعلها لنا بأن نصقلها  لتتوافق بما نؤمن به وتتناسب مع حياتنا وما إلى ذلك، فتصبح جزءاُ منا وثقافاتنا. وما سبق ما هو إلا محض نتيجة من العيش في هذا العصر حيث التبادل الثقافي يسود، والثقافة الديناميكية المتطورة تتقبل كل ما يناسبها مما هو جديد لتبقى على قيد الحياة وتزدهر.

ما سبق يمكن أن بقدم حلاّ للمشكلة الثانية، ولكني أعترف بأني لا أحبذه، لأنني لا أصدق بأن المثلية كما نعرفها اليوم اخترعها الغرب (ليس عدلاً أن يخترعوا كل ما هو رائع!!!)، فالمثلية وصف لحالة إنسانية حصلت وتحصل وستحصل عبر العصور.

وإذاٌ؟

ليس لدي حل سريع، ولكن لدي اقتراح. أعتقد بأن جهوداُ شخصية خفيفة، حيث يقوم كل مثلي ومثلية بإضافة ووصف مصطلح أو فعل أو تصرفات ما أو أسماء فنانين أو أماكن أوأي شيء آخر، يعتقدون أنها جزء من ثقافتهم المثلية كما يعرفونها في حلقتهم ومجتمعهم الخاص أو جزء من ثقافة مثلية ليسوا جزءاً منها، ستساعد في البصم على ما نهتم به نحن المثليين وما يشكل جزءاً منا وثقافاتنا الملونة العديدة.



1 comment:

  1. جميل جدا يا حسين فكرة جميلة ومثيرة للاهتانم نعم تقدر تقول اننا ملناش ثقافة معينة ثقافتنا تقليد عن الغرب حتى كما قلت في المصطلحات فمثلا انا وصديقي لما نجي نحكي عن المثليين نقول جاي وما نقول مثلي لاننا حتى الان مصتصعبين الامر
    راح احاول انشر الفكرة اكثر ونجمع اكبر قدر ممكن عن ما يحبه المثليين العرب في شتى المجالات
    رسالتك وصلت حبيبي
    اشوفك بخير
    بخصوص تواصلنا انت عارف انشاغالاتي احاول على ما اقدر اني الحق المجلة والمدونة
    شكرا يا غالي

    ReplyDelete

اخر البحوث حول ظاهرة المثلية في العالم العربي -2-

- نظرة الأديان إلى الشذوذ الجنسي أ- موقف اليهودية اعتبر العهد القديم اللواط " شناعة" يجب ان يعاقب عليها بالموت . فقد ورد في التو...